ثالثا : أقوال أهل المذاهب الأربعة في حكم الغناء :
1- المذهب الحنفي :
قد صرح أصحاب الإمام أبي حنيفة بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد بها الشهادة. إن السماع فسق والتلذذ به كفر [إغاثة اللهفان] .
وقال الإمام أبوحنيفة : الغناء من أكبر الذنوب التي يجب تركها فوراً. وقال الإمام السفاريني في كتابه غذاء الألباب معلقا على مذهب الإمام أبي حنيفة : وأما أبوحنيفة فإنه يكره الغناء ويجعله من الذنوب وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم لا إختلاف بينهم في ذلك ولانعلم خلافا بين أهل البصرة في المنع منه.
وقال القاضي أبويوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة حينما سئل عن رجل سمع صوت المزامير من داخل أحد البيوت فقال : أدخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض.
2- المذهب المالكي :
قال الإمام مالك عندما سئل عن الغناء والضرب على المعازف : هل من عاقل يقول بأن الغناء حق?! إنما يفعله عندنا الفساق [تفسير القرطبي] والفاسق في حكم الإسلام لا تقبل له شهادة ولا يصلي عليه الأخيار إن مات بل يصلي عليه غوغاء الناس وعامتهم.
3- المذهب الشافعي :
قال العلامة ابن القيم عليه رحمة الله في بيان مذهب الإمام الشافعي : وصرح أصحابه - أي أصحاب الإمام الشافعي - العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله كالقاضي أبي الطيب الطبري والشيخ أبي إسحاق وابن الصباغ [إغاثة اللهفان ] .
سئل الشافعي رضي الله عنه عن هذا فقال : أول من أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة وعن الذكر [الزواجر عن إقتراف الكبائر]
4- المذهب الحنبلي :
قال عبدالله ابن الإمام أحمد سألت أبي عن الغناء فقال : ينبت النفاق بالقلب لا يعجبني ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق [إغاثة اللهفان] . وسئل رضي الله عنه عن رجل مات وخلف ولداً وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى بيعها فقال : تباع علي أنها ساذجة لا على أنها مغنية فقيل له أنها تساوي ثلاثين ألف ولعلها إن بيعت ساذجة تساوي عشرين ألف فقال : لاتباع إلا أنها ساذجة. قال ابن الجوزي : وهذا دليل على ان الغناء محظور إذ لو لم يكن محظوراً ماجاز تفويت المال علي اليتيم [الجامع لأحكام القرآن]
ونص الإمام أحمد رحمه الله على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذ رئاها مكشوفة وأمكنه كسرها [إغاثة اللهفان] .